سورة هود - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


قوله عز وجل: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} فيه أربعة أوجه:
أحدها: يعني أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة.
الثاني: أيكم أزهد في الدنيا، وهو قول سفيان.
الثالث: أيكم أكثر شكراً، قاله الضحاك.
الرابع: ما روى كليب بن وائل عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُكُم أَحْسَنُ عَمَلاً، أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَقْلاً وَأَوْرَعُ عَن مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَسَرَعُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ». قوله عز وجل: {ولئن أخْرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة} فيه وجهان:
أحدهما: يعني إلى فناء أمة معلومة، ذكره علي بن عيسى.
الثاني: إلى أجل معدود، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين. وتكون الأمة عبارة عن المدة، واصلها الجماعة فعبر بها عن المدة لحلولها في مدة.
{ليقولن ما يحبسه} يعني العذاب. وفي قولهم ذلك وجهان:
أحدهما: أنهم قالوا ذلك تكذيباً للعذاب لتأخره عنهم.
الثاني: أنهم قالوا ذلك استعجالاً للعذاب واستهزاء، بمعنى ما الذي حبسه عنا؟


قوله عز وجل: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِن رَّبِّه} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه القرآن، قاله عبد الرحمن بن زيد.
الثاني: محمد صلى الله عليه وسلم، قاله مجاهد وعكرمة وأبو العالية وأبو صالح وقتادة والسري والضحاك.
الثالث: الحجج الدالة على توحيد الله تعالى ووجوب طاعته، قاله ابن بحر.
وذكر بعض المتصوفة قولاً رابعاً: أن البينة هي الإشراف على القلوب والحكمة على الغيوب.
{وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أنه لسانه يشهد له بتلاوة القرآن، قاله الحسن وقتادة، ومنه قول الأعشى:
فلا تحبسنّي كافراً لك نعمةً *** على شاهدي يا شاهد الله فاشهد.
الثاني: أنه محمد صلى الله عليه وسلم شاهد من الله تعالى، قاله علي بن الحسين.
الثالث: أنه جبريل عليه السلام، قاله ابن عباس والنخعي وعكرمة والضحاك.
الرابع: أنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روى المنهال عن عباد بن عبد الله قال: قال عليّ: ما في قريش أحد إلا وقد نزلت فيه آية، قيل له: فما نزل فيك؟ قال {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنُهُ}
الخامس: أنه ملك يحفظه، قاله مجاهد وأبو العالية.
ويحتمل قولاً سادساً: ويتلوه شاهد من نفسه بمعرفة حججه ودلائله وهو عقله ووحدته، قال ابن بحر.
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} فيه وجهان:
أحدهما: ومن قبل القرآن كتاب موسى وهو التوراة، قاله ابن زيد.
الثاني: ومن قبل محمد كتاب موسى، قاله مجاهد.
{إِمَاماً وَرَحْمَةًً} فيه وجهان:
أحدهما يعني متقدماً علينا ورحمة لهم.
الثاني: إماماً للمؤمنين لاقتدائهم بما فيه ورحمة لهم.
{أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} يعني من كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه.
{وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ} فيهم قولان:
أحدهما: أنهم أهل الأديان كلها لأنهم يتحزبون: قاله سعيد بن جبير.
الثاني: هم المتخزبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمعون على محاربته.
وفي المراد بهم ثلاثة أوجه: أحدها: قريش، قال السدي.
الثاني: اليهود والنصارى، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: أهل الملل كلها. {فَالْنَّارُ مَوْعِدُهُ} أي أنها مصيره، قال حسان بن ثابت:
أوردتموها حياض الموت ضاحيةً *** فالنار موعِدُها والموت لاقيها
{فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ منه} فيه وجهان:
أحدهما: في مرية من القرآن قاله مقاتل.
الثاني: في مرية من أن النار موعد الكفار، قاله الكلبي، وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به جميع المكلفين.


قوله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} معناه ومن أظلم لنفسه ممن افترى على الله كذباً بأن يدعي إنزال ما لم ينزل عليه أو ينفي ما أنزل عليه.
{أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} وهو حشرهم إلى موقف الحساب كعرض الأمير لجيشه، إلا أن الأمير يعرضهم ليراهم وهذا لا يجوز على الله تعلى لرؤيته لهم قبل الحشر.
{وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هؤلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} والأشهاد جمع، وفيما هو جمع له وجهان:
أحدهما: أنه جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب.
والثاني: جمع شهيد مثل شريف وأشراف.
وفي الأشهاد أربعة أقاويل:
احدها: أنه الأنبياء، قاله الضحاك.
الثاني: أنهم الملائكة، قاله مجاهد.
الثالث: الخلائق، قاله قتادة.
الرابع: أن الأشهاد أربعة: الملائكة والأنبياء والمؤمنون والأجساد، قاله زيد بن أسلم.
قوله عز وجل: {الَّذِينَ يَصُّدُونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} يعني قريشاً.
وفي سبيل الله التي صدوا عنها وجهان:
أحدهما: أنه محمد صلى الله عليه وسلم صدت قريش عنه الناس، قاله السدي.
والثاني: دين الله تعالى، قاله ابن عباس.
{وَيَبْغُونَها عِوَجاً} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني يؤمنون بملة غير الإسلام ديناً، قاله أبو مالك.
الثاني: يبغون محمداً هلاكاً، قاله السدي.
الثالث: أن يتأولوا القرآن تاويلاً باطلاً، قاله عليّ بن عيسى.
قوله عز وجل: {لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن معنى لا جرم: لا بد.
الثاني: أن {لا} عائد على الكفار، أي لا دافع لعذابهم، ثم استأنف فقال: جرم، أي كسب بكفره استحقاق النار، ويكون معنى جرم: كسب، أي بما كسبت يداه، قال الشاعر:
نَصَبنا رأسه في جذع نخل *** بما جَرَمت يداه وما اعتدينا
أي بما كسبت يداه.
الثالث: أن {لا} زائدة دخلت توكيداً، يعني حقاً إنهم في الآخرة هم الأخسرون. قال الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة *** جرمت فزارُة بعدها أن يغضبوا.
أي أحقتهم الطعنة بالغضب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8